افتتح في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية أول جامع في العالم يتم بناؤه باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، والتي تُعد من أحدث التقنيات في مجال البناء. يقع هذا الجامع، الذي يحمل اسم مسجد العزيز شربتلي، ضمن مشروع “الجوهرة” في محافظة جدة، وتم افتتاحه يوم الأربعاء الماضي، السادس من شهر مارس/آذار لعام 2024 بعد أن استغرقت عملية بنائه مدة 6 أشهر. تم إنشاء هذا المسجد باستخدام 4 طابعات تعمل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وتولت شركة “جوانلي” الصينية، المتخصصة في تصنيع هذه الطابعات، مسؤولية الإشراف على عملية البناء.
من الجدير بالذكر أن دبي كانت قد أعلنت سابقًا عن نية بناء مسجد بنفس التقنية في مساحة تبلغ 185 متر مربع، وبسعة لـ600 مصل، ومن المتوقع أن يكتمل العمل به في الربع الأول من عام 2025.
كانت السعودية قد سبقت هذا الإنجاز ببناء “أرامكو”، وهو أول مبنى صناعي خرساني يستخدم تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وذلك في منطقة الحوية بمحافظة الطائف في مكة المكرمة، حيث بلغ ارتفاعه 3.85 أمتار ومساحته 63 متر مربع، وتم الانتهاء من بنائه في وقت قياسي.
تُستخدم تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في البناء عبر آلات ذات تحكم رقمي تقوم بخلط مواد البناء وصبها لتشكيل الهيكل العام للمبنى أو أي جزء منه، وذلك بناءً على المخططات المُدخلة في البرامج الإلكترونية المُحكمة للطابعات، دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر أو استخدام القوالب كما في البناء التقليدي.
تعني الطباعة ثلاثية الأبعاد عملية تحويل تصميم أو نموذج رقمي إلى شكل فعلي وملموس عبر إضافة طبقات متعددة من المواد وتركيبها بشكل متتابع ودمجها لتكوين الهيكل النهائي. ظهرت هذه التقنية لأول مرة في قصص الخيال العلمي في الخمسينيات، وتحولت إلى حقيقة في الثمانينيات، وأصبحت تقنية شائعة في القرن الحالي بفضل تحسين دقتها وتنوع المواد المستخدمة.
في الثمانينيات، ظهرت أول براءة اختراع متعلقة بفكرة الطباعة ثلاثية الأبعاد، وتم تسميتها “جهاز النماذج الأولية السريعة”، بالإضافة إلى تسمية “الطباعة الحجرية المجسمة” التي اقترحها تشاك هال في عام 1984. في ذلك الوقت، كانت تكلفة الطابعات ثلاثية الأبعاد تتجاوز 300 ألف دولار، لكن مع مرور الوقت، أصبحت تصبح ميسورة التكلفة بشكل يسمح للشركات الصغيرة بالاستفادة منها.
استخدمت هذه التقنية في مجال الإنشاءات لأول مرة في عام 1995 بهدف تحقيق طرق بناء أسرع وأكثر كفاءة. ومنذ ذلك الحين، شهدت التقنية تطوراً ملحوظاً، حيث تم بناء فيلات وأبراج باستخدام مكونات مطبوعة بتقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد.
وفي عام 2023، أعلنت أوكرانيا عن بناء مدرسة بالكامل باستخدام هذه التقنية، مما يظهر إمكانية استخدامها لإعادة بناء المناطق المدمرة نتيجة الحروب أو الكوارث.
وفي عام 2021، تم بناء أول منزل مطبوع ثلاثي الأبعاد في إيطاليا باستخدام الطين، وقد تم تسميته “تكلا”.
تطورت التقنيات المتعلقة بالطباعة ثلاثية الأبعاد بسرعة كبيرة، وقد أظهرت إمكانيات كبيرة في تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة. وفقًا للخبراء، تشكل الطباعة ثلاثية الأبعاد باستخدام المواد الطبيعية تقدمًا مهمًا في هذا المجال، ويعتبر هذا التطور جزءًا من جهود أوروبا لتحقيق هدف الحياد المناخي بحلول عام 2050.
وتشير التقارير الصادرة من الأمم المتحدة للبيئة والوكالة الدولية للطاقة إلى أن صناعة البناء والتشييد تعد من المسببات الرئيسية لانبعاثات الكربون في العالم، حيث تشكل حوالي 38% من إجمالي هذه الانبعاثات.
وتشير التوقعات إلى أن قيمة منتجات وخدمات الطباعة الثلاثية الأبعاد في السوق العالمية قد بلغت نحو 12.6 مليار دولار في عام 2020، ومن المتوقع أن يتضاعف حجم السوق تقريبًا ثلاث مرات بين عامي 2020 و2026، مما يوضح النمو السريع والاهتمام المتزايد بهذه التقنية.
بالفعل، أصبحت التقنية المتقدمة للطباعة ثلاثية الأبعاد واقعًا سريع التطور، ويتم استخدامها بشكل متزايد في مجموعة واسعة من الصناعات. تشمل هذه الصناعات صناعة الطيران والسيارات والطب والعسكرية، بالإضافة إلى صناعة الأغذية.
ومع ذلك، فإن التحدي الرئيسي الذي تواجهه هذه التقنية هو التكلفة العالية، مما يعيق استخدامها بشكل أكبر من قبل المستخدمين العاديين. بالإضافة إلى ذلك، فإن الجودة المنخفضة للأجزاء المطبوعة تمثل عائقًا آخر يمنع انتشار استخدامها بشكل واسع في الوقت الحالي.
مع استمرار التطور التكنولوجي، من المتوقع أن تتحسن جودة الطباعة ثلاثية الأبعاد وتنخفض التكاليف بمرور الوقت، مما سيجعلها أكثر إمكانية لمزيد من التطبيقات في مختلف الصناعات ولمختلف فئات المستخدمين. شاهد أيضًا: أفضل النوادي الشاطئية في جدة الأماكن السياحية في الدمام أشهر 5 شاليهات مختارة بعناية أفضل 5 فنادق تقييماً في مدينة جدة