في قلب مدينة الخُبر بالمنطقة الشرقية، وُلد عام 1941م رجل ستظل بصماته محفورة في مسيرة الطاقة العالمية، وهو عبد الله بن صالح بن جمعة الدوسري، أحد أبرز القيادات في تاريخ شركة أرامكو السعودية، وصاحب مسيرة مهنية ملهمة امتدت لأكثر من أربعة عقود.
بدايات متواضعة وطموحات بلا حدود
بدأ عبد الله جمعة رحلته العملية في عام 1968 كمذيع في محطة تلفزيون “أرامكو”، وكانت هذه الخطوة الأولى على طريق طويل نحو الريادة، لم يلبث طويلًا حتى التحق بفريق الترجمة في إدارة العلاقات الحكومية، ثم محللًا في جريدة الشرق الأوسط، قبل أن يعود إلى أرامكو ويصعد السلم الإداري بخطى ثابتة.
في عام 1975، تولّى إدارة العلاقات العامة، ومن ثم قفز إلى منصب نائب رئيس شبكات الطاقة الكهربائية عام 1981، ليصبح لاحقًا نائبًا أعلى للرئيس، ثم نائبًا تنفيذيًا للأعمال الدولية.
14 عامًا من قيادة التحول في أرامكو
عُيّن عبد الله جمعة رئيسًا تنفيذيًا لشركة أرامكو السعودية في عام 1995م، واستمر في هذا المنصب حتى عام 2009. في تلك الفترة، أحدث ثورة إدارية وهندسية، حوّلت الشركة من عملاق محلي إلى لاعب عالمي متكامل في مجالات التكرير والتسويق والغاز والطاقة.
كانت قراراته استراتيجية، تهدف إلى جعل أرامكو أكثر من مجرد شركة نفط، بل مؤسسة عالمية للطاقة، تُضاهي كبرى الشركات الدولية من حيث التأثير والابتكار.
قائد مؤثر في ساحات الاقتصاد والعلوم
لم تقتصر مساهمات جمعة على أرامكو فقط، بل امتدت إلى مواقع صنع القرار المحلي والدولي. فقد كان عضوًا في المجلس الأعلى للبترول، والمجلس الاقتصادي الأعلى، وعضوًا استشاريًا في عدد من الكيانات الاقتصادية والعلمية مثل جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ومعهد ماساتشوستس للتقنية.
كما عمل ضمن مجالس إدارات شركات عملاقة مثل هاليبرتون، ريلاينس، ومعادن، فضلًا عن رئاسته للبنك السعودي للاستثمار والمجلس السعودي الأمريكي.
محطات علمية مرموقة
أكاديميًا، حصل جمعة على بكالوريوس العلوم السياسية من الجامعة الأمريكية في القاهرة، وأكمل دراساته العليا ببرنامج تطوير الإدارة في جامعة هارفارد، وحصل على دكتوراه فخرية من جامعة هانكوك الكورية عام 2007م. كانت هذه الخلفية العلمية جزءًا من شخصيته التي تمزج بين الحكمة الإدارية والفهم العميق للسياقات العالمية.
جوائز وشهادات تقدير تليق بقائد عالمي
تم تكريم عبد الله جمعة على مستويات عدة. اختارته مجلة “فورتشن” ضمن أكثر الشخصيات تأثيرًا عالميًا في مجال الأعمال عام 2003، وفاز بجائزة القيادة من “إنرجي إنتلجنس” عام 2005، كما دخل قائمة “أرابيان بيزنس” لأقوى 100 شخصية سعودية في نفس العام.
خاتمة مسيرة وبصمة لا تُنسى
تقاعد عبد الله جمعة في نهاية عام 2008، بعد أن قضى 40 عامًا في خدمة المملكة، 14 منها على رأس شركة أرامكو. تقاعده لم يكن نهاية لمسيرته، بل بداية لمرحلة جديدة من التأثير في الاقتصاد والاستثمار السعودي والعالمي.
يبقى عبد الله جمعة مثالًا للقائد الذي يصنع الفرق، ليس فقط بشهاداته أو مناصبه، بل برؤيته، وحكمته، وإيمانه العميق بأن الطاقة ليست فقط موردًا طبيعيًا، بل مستقبل أمّة.
شاهد أيضاً:
خطوات إصدار شهادة التأمين من إدارة المرور السعودي 1446
أسماء شركات التأمين الطبي في السعودية
أفضل 5 شركات تأمين في السعودية