يُعد المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة من أعظم المعالم الإسلامية وأقدسها على وجه الأرض، حيث يحتضن بين جنباته قبر النبي محمد ﷺ، ويستقبل ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم كل عام، ومن أبرز مكونات هذا الصرح المعماري العظيم القباب التي تزين سماء المسجد وتضفي عليه رونقًا فريدًا يجمع بين الفن الإسلامي الأصيل والتقنيات الحديثة.
روعة العمارة في قباب المسجد النبوي
تتميز قباب المسجد النبوي بتصميمها الهندسي الفريد الذي يجمع بين الجمال والدقة في التنفيذ. فهي مكسوة من الداخل بقطع خشبية مصنوعة من خشب الأرز الصلب على شكل شرائح دقيقة تم تجميعها بعناية فائقة، كما تم تزيينها بقطع من الفيروز الأزرق تضفي لمسة من الفخامة والجمال الروحي.
أما من الخارج، فتغطي القباب طبقات من السيراميك المزخرف بألوان البيج الفاتح والأزرق التركوازي، مما يجعلها تتلألأ تحت ضوء الشمس كتحفة فنية مذهلة.

عدد القباب ووظائفها
يبلغ عدد القباب المتحركة في المسجد النبوي 27 قبة ضخمة، تتحرك آليًا عبر أنظمة دقيقة تتيح فتحها وإغلاقها بحسب حالة الطقس، لتساعد في تهوية المسجد وتلطيف أجوائه. وتُجرى لها صيانة دورية للحفاظ على أدائها المثالي.
كما يوجد أيضًا أكثر من 170 قبة صغيرة موزعة في أنحاء المسجد، صُممت بأشكال هندسية متنوعة منها الدائري والبيضاوي والمصمت، وبعضها مزود بنوافذ لدخول الضوء الطبيعي.
القبة الخضراء.. رمز خالد عبر العصور
تُعد القبة الخضراء أشهر قباب المسجد النبوي وأكثرها رمزية، إذ تقع فوق الحجرة النبوية التي تضم قبر النبي محمد ﷺ وصاحبيه أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
ولم تكن القبة الخضراء موجودة في عهد النبي أو الخلفاء الراشدين، بل تم تشييدها لاحقًا في القرن السابع الهجري بأمر من السلطان المملوكي قلاوون الصالحي، وكانت حينها مربعة من الأسفل ومثمنة من الأعلى ومغطاة بألواح الرصاص.
أما صبغها باللون الأخضر، فكان لأول مرة في عهد السلطان عبد الحميد العثماني عام 1253 هـ، ومنذ ذلك الحين أصبحت تُعرف بـ”القبة الخضراء”، وباتت رمزًا بصريًا خالدًا للمسجد النبوي.
القباب المتحركة.. تكنولوجيا في خدمة العبادة
في توسعة المسجد النبوي خلال عهد الملك فهد بن عبد العزيز – رحمه الله – أُضيفت القباب المتحركة لتكون من أبرز الإنجازات الهندسية في العمارة الإسلامية الحديثة.
تُفتح هذه القباب آليًا لتسمح بدخول الضوء والهواء الطبيعي، مما يخلق بيئة مريحة للمصلين داخل المسجد، كما تُغلق في أوقات الحر أو المطر للحفاظ على اعتدال الجو.
وتسهم هذه القباب أيضًا في تحسين الصوت داخل المسجد، إذ صُممت بتجويفات هندسية تساعد على نقل الصوت وتوزيعه بشكل متوازن، قبل استخدام مكبرات الصوت الحديثة.
جمال يجمع بين التاريخ والحداثة
قباب المسجد النبوي ليست مجرد عناصر معمارية فنية، بل هي جزء من هوية المسجد وتاريخه العريق. فهي تجمع بين التراث الإسلامي القديم والابتكار المعماري الحديث، لتشكل رمزًا للتطور الذي تشهده المملكة العربية السعودية في رعاية الحرمين الشريفين وتطويرهما بما يليق بمكانتهما العظيمة.
وفي النهاية، تبقى قباب المسجد النبوي شاهدًا خالدًا على عظمة العمارة الإسلامية وروحها المتجددة، تجذب أنظار الزائرين وتلامس قلوبهم بخشوع وإجلال.
شاهد أيضاً:
أفضل الفنادق القريبة من مطار الرياض
أفضل الفنادق في العلا
أفضل الفنادق للسيدات بالقرب من المسجد النبوي