في تطور لافت يعكس التحول الجذري الذي تشهده سوق العمل السعودية، سجّلت المملكة خلال الربع الأول من عام 2025 أدنى معدل بطالة في تاريخها، بنسبة بلغت 6.3% بين المواطنين، مما يشير إلى تقدم فعلي في ملف التوظيف الوطني وديناميكية سوق العمل.
لطالما شكّلت البطالة تحدياً رئيسياً أمام التنمية المستدامة في المملكة، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تسارعاً في وتيرة الإصلاحات الاقتصادية التي قادتها رؤية السعودية 2030، فمع إطلاق برامج التوطين، وتحديث السياسات التشريعية، وتوسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، بات خفض معدل البطالة هدفاً واقعياً ومحققاً على الأرض.
ولم يكن هذا الانخفاض وليد لحظة، بل نتيجة تراكم لجهود بدأت منذ عقود، وتكثفت في الأعوام الأخيرة بقرارات محورية، أبرزها دعم توظيف النساء، وتوجيه الشركات للالتزام بنسبة توظيف محددة من السعوديين، وتوسيع قاعدة الوظائف المتاحة عبر مهن جديدة تم توطينها في قطاعات متنوعة.

وفقاً لمسح القوى العاملة الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، فقد سجل معدل البطالة في السعودية (للسعوديين وغير السعوديين معاً) 2.8%، وهو الأدنى تاريخياً، في وقت شهدت فيه مشاركة السعوديين في سوق العمل ارتفاعاً ملحوظاً ليصل إلى 51.3%، مما يدل على اندماج فعّال للقوى الوطنية في النشاط الاقتصادي.
كما أوضحت البيانات أن النساء السعوديات يحققن حضوراً أقوى من أي وقت مضى، إذ ارتفعت نسبة مشاركتهن في سوق العمل إلى 36.3%، بينما انخفضت معدلات البطالة بينهن إلى 10.5%، في إشارة واضحة إلى نجاح السياسات الموجهة لتمكين المرأة.
في المقابل، استمر الشباب من الجنسين في مواجهة تحديات متفاوتة، إلا أن التحولات المسجّلة في مؤشرات التشغيل والمشاركة تعكس بداية لتغير في واقع التوظيف بين الفئات العمرية الأصغر.
يرى مختصون في شؤون التوظيف أن الانخفاض التاريخي في البطالة لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة لمجموعة من المبادرات المتكاملة التي شملت توطين القطاعات، وتوفير برامج تدريب وتأهيل، بالإضافة إلى دعم ريادة الأعمال. وقد علّق الخبير في الموارد البشرية علي آل عيد قائلاً:
المملكة تترجم رؤيتها عملياً، وما نلمسه الآن هو انعكاس لبيئة اقتصادية محفزة ونموذج عمل جديد أكثر شمولية للكوادر الوطنية.
رغم هذا التقدم، لا تزال السعودية تعمل على مزيد من التحسينات، خاصة فيما يتعلق بمواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات السوق، وتوسيع فرص العمل النوعية، وضمان بيئة وظيفية مستقرة ومحفزة. وتشير التقديرات إلى أن المملكة تقترب تدريجياً من هدفها الذي حددته رؤية 2030، بخفض معدل البطالة إلى 7%، وهو ما أصبح في المتناول بعد بلوغ معدل 6.3% في الربع الأول من العام.
شاهد أيضاً:
استكشف سوق المعيقلية بالرياض
أفضل مولات جدة في 2025: تسوق وترفيه
اكتشف سوق الزل وتجربة التسوق في الرياض