طقس العرب – منذ آلاف السنين، استوطنت بعض الطيور في منطقة عسير، مما جعلها من بين الكائنات النادرة على مستوى العالم. تُعتبر هذه الطيور جزءًا من تنوع بيولوجي فريد، حيث تزورها أنواع عديدة من الطيور المهاجرة من غرب الكرة الأرضية وشرقها خلال مواسم معينة من السنة. تساهم هذه الطيور في تحويل الغابات إلى جوقة موسيقية من الأنغام العذبة، مما يضيف لمسة من الجمال والنشاط.
ثراء الحياة الطيور في عسير
تعد منطقة عسير، كما يوضح كتاب “الطيور في السعودية” الصادر عن شركة أرامكو عام 2021، موطنًا لعدد كبير من الطيور. تُستعمر المرتفعات في المنطقة من قبل 86 نوعًا من الطيور التي تبني أعشاشها في هذه المناطق الحيوية. يعود ذلك إلى المناخ الجبلي الرطب والبارد نسبياً، الذي يعزز كثافة الغطاء النباتي ويشكل موئلاً ملائمًا لاستقطاب الطيور، حيث تستفيد من 2000 نوع من النباتات والأشجار مثل أشجار الطلح والعرعر.
الهجرات الموسمية وأثرها على التنوع البيئي
تلعب الهجرات الموسمية للطيور دوراً حاسماً في تعزيز التنوع البيئي في مرتفعات وسهول عسير، بفضل قربها من القارة الإفريقية. توفر المرتفعات الجنوبية الغربية الرطبة موطنًا مثاليًا لتكاثر العديد من الطيور الإفريقية الاستوائية في المملكة قبل العودة إلى أراضيها عبر البحر الأحمر.
تجربة ميدانية في قلب الطبيعة
في صباح ربيعي هادئ في مدينة أبها، ومع بزوغ الفجر، كان فريق “واس” برفقة الموثق المعروف أحمد نيازي يستعد للانطلاق إلى غابات الحزام الجبلي للسروات لرصد وتوثيق أنواع متعددة من الطيور التي تبدأ نشاطها باكرًا. بدأت الجولة في غابات السودة حيث احتفلت أنواع متعددة من الطيور ذات الألوان الزاهية بقدوم الربيع، بانتظار أشعة الشمس على أغصان العرعر المبتلة بقطرات الطل.
تنوع الأنواع وبيئاتها
وأشار أحمد نيازي إلى أن منطقة عسير تستقطب العديد من الطيور المهاجرة بفضل تنوع الأشجار ودرجات الحرارة التي تتفاوت بين البرودة والاعتدال. تفضل بعض الطيور أنواعًا معينة من الأشجار مثل أشجار الأكاسيا والعرعر، وبعض النباتات القصيرة. يتميز تنوع الطيور في عسير بوجود حوالي 100 نوع من الطيور، تشمل طيورًا مستوطنة مثل “العقعق العسيري” النادر عالميًا، بالإضافة إلى طيور مهاجرة مثل “عقاب البادية” و”الصفاري” من روسيا، و”خاطف الذباب الإفريقي الفردوسي” و”الوقواق الناسك” من إفريقيا، و”الوروار الأوروبي” من أوروبا، و”وقواق ديدريك” من الهند.
التكيف الفسيولوجي للطيور
تستفيد الطيور من تكيفات فسيولوجية مذهلة، مثل الريش الذي يساعد على تجميع الهواء وتخفيف وزن الطائر وحفظ درجة حرارة جسمه. تتراوح درجة حرارة أجسام الطيور بين 40 و42 درجة مئوية، مما يعزز قدرة الطائر على التحمل خلال تقلبات الطقس. كما تتمتع الطيور بقوة إبصار تعادل ثمانية أضعاف قوة إبصار الإنسان، مما يساعدها في الرؤية من ارتفاعات عالية والبحث عن الطعام.
الهجرة وظواهرها
تشكل هجرة الطيور ظاهرة مثيرة، حيث تعود الطيور إلى أماكن أعشاشها بدقة بعد أشهر من السفر. يشير العلماء إلى أن بعض الطيور قد تستخدم المجال المغناطيسي للأرض لرسم خريطة مغناطيسية تساعدها في التنقل. في السعودية، يُتابع المهتمون بالطيور الهجرات الموسمية خلال فصول الخريف والربيع، حيث تعبر الطيور السماء في رحلاتها الطويلة بين الشمال والجنوب.
تظل منطقة عسير واحدة من الوجهات البيئية البارزة التي تجذب الباحثين وعلماء البيئة لدراسة تنوع الطيور وسلوكها. تعد هذه المنطقة بمثابة موطن للعديد من الأنواع النادرة والمهاجرة التي تسهم في الحفاظ على التوازن البيئي وجمال الطبيعة.
شاهد أيضا:
اليوم العربي للأرصاد الجوية 2024 تحت شعار “الأثر المناخي وبرامج التأقلم”